أفضل مقالة فلسفية جاهزة حول هل اللغة مجرد أداة للتواصل الاجتماعي؟
![]() |
مقالة فلسفية جدلية حول وظائف اللغة |
هذا الموضوع عبارة عن مقالة من احسن المقالات الفلسفية الجدلية الجاهزة، التي تتحدث عن مشكلة اللغة والفكر، وخاصة عنصر وظائف اللغة، وفي هذه المقالة الفلسفية حاولنا افجابة على السؤال الأساسي التالي : هل اللغة هي مجرد وسيلة أو أداة للتواصل الإجتماعي فقط أم أن لها وظائف أخرى متعدد؟، وقد حاولنا الاجابة عن هذه المقالة بالاعتماد على الطريقة الجدلية، وذلك بطرح المشكلة في المقدمة والمتعلقة بوظيفة اللغة بين التواصل وغيرها، ثم بعدها منطق الأطروحة، الذي نؤكد فيه على أن وظيفة اللغة هي التواصل الاجتماعي، عملنا على نقد هذه الأطروحة، ثم بعدها قمنا بتقديم نقيض الأطروحة الذي رأينا الوظائف المتعددة للغة، وعملنا كذاك على نقدها، ثم خرجنا بتركيب للمقالة وبحل للمشكلة المتعلقة بوظائف اللغة.
محتويات الموضوع
- اللغة أداة للتواصل الاجتماعي (منطق الأطروحة).
- وظيفة اللغة بين التواصل وغيرها (طرح المشكلة).
- نقد فكرة أن اللغة وسيلة للتواصل الاجتماعي.
- لا تتوقف وظيفة اللغة على التواصل فقط (نقيض الأطروحة).
- نقد فكرة تعدد وظائف اللغة.
- التركيب.
- حل المشكلة.
وظيفة اللغة بين التواصل وغيرها (طرح المشكلة)
يعتبر الإنسان كائنا اجتماعيا بطبعه، مجكوم عليه بالعيش في إطار الجماعة والانخراط في صفوفها، من أجل تحقيق الإنسانية، وهذا لا يتحقق إلا في بالتفاعل المستمر بينه وبين غيره من افراد المجتمع، ويعتمد هذا التفاعل على اللغة من أجل التواصل معهم، هذا ما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن اللغة هي جملة من الإشارات والرموز المتعارف عليها بين افراد المجتمع من أجل التواصل، إلا أن هناك من يعتقد بأن اللغة لها وظائف عدة تتجاوزالدور التواصلي والاجتماعي، وهذا الجدل القائم هو الذي يمنح المشروعية للتساؤلات الآتية: هل تنحصر وظيفة اللغة في تحقيق التواصل بين أفراد المجتمع أم أن لها وظائف أخرى؟.
اللغة أداة للتواصل الاجتماعي (منطق الأطروحة)
إن اللغة هي وسيلة أساسية للتواصل الإجتماعي، فالتواصل هو ماهيتها، وذلك ما يؤكد عليه علماء الاجتماع، وعلى رأسهم فيخته ولافيل ودولا كروا ودوركايم، بمعنى أن وظيفتها اجتماعية، يستخدمها الفرد ليتبادل الأفكار والحقائق والمعارف والتجارب بينه وبين الأفراد في المجتمع، وبالتالي تكون اللغة ذات وظيفة تكيفية في نظرهم بحقق بها الفرد اندماجه وانخراطه داخل الجماعة، ودفاعا عن تصورهم هذا اعتمد أصحاب هذا الموقف على مجموعة من الحجج والبراهين، نذكر منها الحجج التالية:
الحجة 1: إن اللغة هي وسيلة للتعبير عن الحاجات الاجتماعية، وهذا هو الأمر الذي جعل الجرجاني يقول "إن اللغة هي ما يعبر به كل قوم عن أغراضهم".
الحجة 2: ثم إن اللغة أداة لتحقيق التكيف بين الفرد ووسطه الاجتماعي، بمعنى هي التي تسمح له بالإنسجام مع باقي أفراد مجتمعه، ويقول الفرنسي إميل دوركايم في هذا الصدد: "إن اللغة هي ظاهرة اجتماعية تتميز بإلزام وإكراه".
الحجة 3: كما أن اللغة هي عامل أساسي في تقوية الشعور بالانتماء، فهي تقوي صلة الترابط والتلاحم والاتحاد بين أفراد المجتمع، وهي عامل جوهري في تحقيق وحدة المجتمع وتماسك أفراده، فوحدة اللغة تحقق وحدة انتماء وتأسيس وحدة الهوية الاجتماعية، فاللغة العربية مثلا كانت العامل الحاسم في قيام الأمة العربية وتواصل أجيالها.
الحجة 4: كما أن اللغة هي الجسر الذي يربط بين الأجيال، فهي التي تربط ماضي الأمة بحاضرها، وحاضرها بمستقبلها، هي التي تحفظ التراث وتنقله من جيل إلى جيل، لذلك نجد لافيل يقول: "إن اللغة ذاكرة الإنسانية، فهي التي تحفظ سائر مكتسباتها".
الحجة 5: وفي نفس السياق يرى الألماني فيخته، بأن اللغة هي الرابطة الوحيدة بين عالم الأفكار وعالم الأجسام، ومبرره في ذلك، أن عندما يفقد فرد ما من جماعة، القدرة على التعبير يقطع العلاقة بينه وبين غيره أكثر، بمعنى أنه يعرقل الإنسجام الاجتماعي له، ويقول فيخته في هذا الصدد: "إن اللغة تلازم الفرد في حياته، وتمتد إلى أعماقه، وتبلغ أخفى رغباته، إنها الرابطة الوحيدة الحقيقية بين عالم الأجسام وعالم الأذهان، إنها تجعل الأمة كلا متراصا"، فبحكم افتقار الصم البكم للغة يجدون صعوبة في التواصل والتكيف مع غيرهمن مما يعني أن اللغة هي التي تدمج الفرد في المجتمع، وكأن المجتمع لا يقوم إلا بالتواصل بين أفراده، ولا يتم التواصلإلا في ظل وجود اللغة التي تحقق الوجود الاجتماعي والإنساني.
الحجة 6: إن اللغة هي أساس قيام العلاقات الاجتماعية وتطورها وتجددها، وذلك ما يكشف عليه الواقع، فهي
التي تصل الفرد بغيره، وتمنحه الوجود الاجتماعي، وتحقق له الإنسانية، من خلال
تواصله مع أفراد المجتمع، فبواسطة اللغة يتم تبادل المعارف والحقائق والأفكار داخل المجتمع، وبالتالي فهي شرط تحقق الوجود البشري،وهكذا فالبعد الانساني للفرد لا يتحقق إلا في إطار الحياة
الإجتماعية المشتركة.
نقد فكرة أن اللغة وسيلة للتواصل الاجتماعي
صحيح أنه لا يمكن إنكار أن وظيفة اللغة هي وظيفة اجتماعية تواصلية، لأنها هي التي تمنح معنى للعلاقة بين الأنا والغير، لكن هذا لا يعني أن مهمة اللغة تختزل في الدور التواصلي الاجتماعي فحسب، وأن االتأكيد على ذلك إنكار لوظائف أخرى يقوم عليها النظام الللغوي، فلو تحددت وطيفة اللغة في التواصل فحسب، لكانت أشكال التواصل عند الحيوان هي كذاك لغة، وكمثال على ذلك، ما لاحظه كارل فون فريش عن النحل، فقد تبين له أن للنحل نظام تواصلي، تستطيع به نحلة معينة أن تتواصل من خلال قيامها بحركات في شكل رقصات، تخبر من خلالها غيرها بوجود طعام في مكان ما من الخلية، غير أن الواقع يكشف أن هناك فرق كيفي وكمي بين لغة الانسان ولغة الحيوان.
لا تتوقف وظيفة اللغة على التواصل فقط (نقيض الأطروحة)
إن اللغة ليست مجرد وسيلة أو أداة للتواصل الاجتماعي فقط، بمعنى لا تنحصر مهمتها في التواصل بين أفراد المجتمع فحسب، بل هناك وظائف أخرى متعددة للغة، وظائف تتناسب مع طبيعة الوجود الإجتماعي والانساني للأفراد، وهذا عكس التصور الذي رأيناه سابقا، فالفلاسفة والمفكرين الذين يدافعون على هذا الموقف، يستندون لمجموعة من التبريرات والبراهين والحجج، نذكر منها الحجج الآتية:
الحجة 1: إن للغة وظيفة إخبارية، فبواسطتها ننقل المعلومات إلى الآخرين، سواء كانت أحداثا سياسية، اقتصادية، اجتماعية، علمية او ثقافية أو غيرها، وهذا ما تضطلع به اليوم وسائل الإعلام، حيث تنقل يوميا ما يجري في العالم، وهو الأمر الذي يمنحها القدرة على التأثير في الجمهور وتوجيه الرأي العام.
الحجة 2: كما أن للغة أيضا وظيفة تنظيمية، فهي التي تنظم سلوك واستجابات الآخرين من خلال الأوامر والنواهي.
الحجة 3: ثم لها وظيفة تفاعلية تستخدم للتفاعل مع الآخرين في المحيط الاجتماعي، ومن تم يتم تبادل الأراء والأفكار والمشاعر.
الحجة 4: ولها أيضا وظيفة نفعية، تسمح للإنسان بإشباع حاجاته المادية أو النفسية، كطلب العلم أو الترفيه عن النفس.
الحجة 5: وعلاوة على ذلك، لها وظيفة رمزية، فقد ساهمت في تطور العلوم بمختلف فروعها، بحيث أصبح العلماء يعبرون عن مختلف القوانين التي تحكم الظواهر في شكل صيغ رمزية، وفي منتهى الدقة والاختصار والصرامة، حقيقة أن اللغة الرمزية هي سر النجاح المنقطع النظير، الذي حققته العلوم التجريبية، كالرموز الرياضية والمنطقية، وهذا ما يبين صدق مقولة العالم الإيطالي غاليليو غاليلي حينما "إن الطبيعة كتاب مفتوح مكتوب بلغة رياضية".
الحجة 6: ثم إن للغة وظيفة شخصية، تعكس مواهب وقدرات واستعدادات الذات، فهي وسيلة وأداة للكشف عن الاهتمامات والتطلعات الشخصية الانسانية، فاللغة هي التي تقف وراء ظهور القدرات لدى بعض أهل العلم، فلولاها لبقيت مواهب هؤلاء مخفية وراء الستار.
الحجة 7: إن للغة أيضا وظيفة نفسية، فبها نعبر عن أحوال النفس، ونصف مشاعرنا ونعبر عن عواطفنا، وقد أكدت أبحاث علم النفس التحليلي، أن التعبير عن المشاعر، وإطلاق العنان للذكريات، يولد الراحة النفسية، وهو سبيل للقضاء على الكثير من الأمراض النفسية، كما أن اللغة تعد سبيلا للتنفيس عن الرغبات المكبوتة كما جاء مع النمساوي سيغموند فرويد.
الحجة 8: بالاضافة إلى ذلك فللغة وظيفة فكرية، فهي تشكل أداة ضرورية لمزاولة النشاط الذهني، باعتبارها نسيجا يتحكم في الوظائف العقلية من تذكر وتخيل وذكاء وإدراك فبواسطتها يقوم الفرد بمختلف العمليات العقلية كالتحليل والتركيب والمقارنة والاستنتاج، فاللغة بهذا المعنى هي الوعاء الذي يصب فيه الفكر، ويقول هيجل في هذا الصدد: "اللغة وعاء الفكر"، فالفكر بدون لغة يبقى حوارا صامتا، أي مونولوج داخلي بين الذات ونفسها، لذلك يقول موريس ميرلو بونتي "إن الفكر لا يوجد خارج الكلمات"، فاللغة هي التي تبرز الفكر وتوضحه وتكشف معانيه وتطوره، فهي التي تحققه وتخرجه من حيز الكتمان إلى حيز التصريح، فلولاها لبقي الفكر حبيس صاحبه، لايمكن كشفه والتعرف على حقيقته، ويقول هيجل في هذا الصدد: "إن اللغة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى".
الحجة 9: ثم إن للغة وظيفة
تخيلية تمكن الإنسان من تخيل الأشياء وتصورها رغم غيابها، فكل كلمة فيها تحمل
معنى فهي تشير إلى شيء ما، إذ بمجرد سماعها يتصور الشيء الذي نرمز إليه وهو غائب، وهكذا فاللغة هي أداة للإبانة عن الأشياء، بواسطتها يستطيع المرء التفكير في الأشياء في حالة
غيابها، إنها العامل الأساسي في تشكيل العالم الرمزي المجدد في مقابل للعالم المادي، وهذا معناه أن التحرر من الواقع ونسيان الهموم عن طريق أحلام اليقظة والقصص والأشعار وغيرها.
الحجة 10: ثم إن للغة وظيفة
استكشافية، فبواسطة اللغة يتعرف المرء على محيطه الطبيعي والاجتماعي، ويدرك الأشياء
المحيطة به، فيتعرف على أسماء هذه الأشياء ومكوناتها ووظائفها وكيفية استخدامها، ويتعرف على الظواهر الطبيعية وأسباب حدوثها والقوانين المتحكمة فيها، كل هذه الوظائف تبين بان وظيفة اللغة لا تتوقف عند التواصل فقط.
نقد فكرة تعدد وظائف اللغة
لا يمكن إنكار أن للغة
وظائف عدة مختلفة يستخدمها الإنسان لتحقيق أغراضه التي تتناسب مع وجوده، لكن مع ذلك لا يمكن إلغاء الدور التواصلي الإجتماعي للغة، فاللغة هي الرابطة الأساسية التي تشكل النسيج الاجتماعي، وفي غيابها ينعدم التفاهم والتواصل، ولذلك نجد هنري دولا كروا يقول في كتابه اللغة والفكر: "أن اللغة مؤسسة أو عمل
اجتماعي، أو هي مجموعة من الاصطلاحات تتبناها هيئة اجتماعية ما، لتنظم بواسطتها
عملية التخاطب بين أفرادها".
التركيب
يتبين مما سبق أن اللغة ظاهرة إنسانية يتخذها الانسان من أجل التواصل والتفاهم مع باقي أفراد جنسه، من أجل تحقيق أغراضه المختلفة التي تتناسب مع حقيقة وجوده، فاللغة ذات وظائف عدة منها: الوظيفة الاجتماعية والوظيفة الفكرية والاستكشافية والتخيلية والتفاعلية والشخصية والنفسية والنفعية والرمزية والتنظيمية والإخبارية وغيرها، لأن الإنسان كائن متعدد الأبعاد منها الأبعاد البيولوجية والعقلية والاجتماعية والأخلاقية والميتافيزيقية وغيرها، لذلك فهو يلجأ إلى اللغة لتحقيق كل هذه الأبعاد بغية تحقيق ماهيته الحقيقة.
حل المشكلة
وهكذا نستنتج مما سبق، أنه رغم الدور الاجتماعي التواصلي للغة، إلا أن وظيفتها لا
تنحصر في نطاق التواصل بين أفراد المجتمع، بل إن لها وظائف أخرى تنسجم مع خصوصيات
الطبيعة البشرية، لذلك نجد ماكس مولر يقول في هذا الصدد: "ما كان الانسان أن يقدسها حبا لها
وتعشقا لأنغامها وأجراسها وإنما في الانسانية"، ومنه فوظائف اللغة متنوعة
وفضائلها لا تعد ولا تحصى.
نتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الفائدة من خلال هذه المقالة الفلسفية الجدلية الجاهزة، التي تتحدث عن مشكلة اللغة والفكر، وخاصة عنصر وظائف اللغة، وكانت هذه المقالة عبارة عن جواب عن سؤال هل اللغة مجرد وسيلة للتواصل الإجتماعي؟، وهذه المقالة تخص تلاميذ السنة الثالثة ثانوي شعبة لغات أجنبية، وكذلك تلاميذ السنة الثالثة ثانوي آداب وفلسفة، نتمنى لكم التوفيق في مسيرتكم الدراسية.
اقرأ المزيد