أبسط تحليل لنص كارل ياسبرز المحور الثالث: منطق الفلسفة
![]() |
أدوات فعل التفلسف |
يمثل هذا الذي نحن بصدد تقديمه لكم، تحليل شامل لنص يوجد كتاب في رحاب الفلسفة جدع مشترك علمي وأدبي ص 48، وهذا المقال هو تحضير لأسئلة الفهم التي تتعلق بذلك النص المعنون بأدوات فعل التفلسف، وهو نص مقتطف من كتاب مدخل إلى الفلسفة، والذي يتحدث فيه ياسبرز عن الدهشة والشك والتساؤل حول الذات، ويدخل هذا النص ضمن مجزوءة الفلسفة، خاصة المحور الثالث منطق الفلسفة.
تحليل نص كارل ياسبرز أدوات فعل التفلسف
إن الأصل هو الينبوع الذي ينبثق منه على الدوام الدافع إلى التفلسف، بفضل هذا الدافع تغدو الفلسفة المعاصرة أمرا جوهريا، وبفضل هذا الدافع أيضا نستطيع أن نفهم فلسفة الماضي. هذا العنصر الأصيل متعدد الجوانب.
فالدهشة تستتبع التساؤل والمعرفة، والشك بصدد ما يعتقد الإنسان أنه يعرفه، يستتبع الفحص واليقين البين، واضطراب الإنسان، والشعور الذي يخامره وهو يواجه فكرة الموت، يقوده إلى التساؤل عن ذاته.
فلنبدأ إذن بتحديد هذه العوامل الثلاثة تحديدا دقيقا:
1. ذكر أفلاطون أن أصل الفلسفة هو الدهشة، فالعين تجعلنا نشارك في مشهد النجوم والشمس وجرم السماء. هذا المشهد "يفضي بنا إلى دراسة العالم قاطبة، ومن هنا تنشأ الفلسفة بالنسبة إلينا، وهي أسمى الخيرات التي خصت بها الآلهة الإنسان الذي عليه حق الفناء".
ويذكر أرسطوه "أن الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف" أن الدهشة هي التي تدفع الإنسان إلى المعرفة، فحين اندهش فمعنى هذا أنني أشعر بجهلي، إني أبحث عن المعرفة، ولكن لكي أعرف فحسب، لا لكي أرضي حاجة مألوفة اعتيادية. إن التفلسف معناه التيقظ للإفلات من روابط الضرورة الحيوية.
2. وحالما تهدأ دهشتي، ويكف تعجبي بفضل معرفة الواقع، حينئذ يثور الشك، والحقيقة أن المعارف قد اجتمعت، ولكنها ما تكاد تجتمع حتى ينهض الإنسان لفحصها فحصا نقديا، ينتفي معه اليقين في كل شيء:
فالإدراكات الحسية مشروطة بحواسنا، وهي تخدعني، وصور تفكيرنا تنتمي إلى عقلنا البشري، وهي تمتزج في متناقضات لا حل لها وإذا رغبت في التفلسف تملكني الشك، وحاولت أن أمضي معه إلى نهاية الشوط، وإذ أمارس الشك، يكون في مقدوري إما أن أنساق وراء شهوة الإنكار أو أبحث عن يقين يفلت بي من قبضة الشك، ويصمد أمام كل فحص نقدي صادق. إن عبارة ديكارت المشهورة: "أنا أفكر ، أنا موجود" بدت له أنها لا تقبل الشك في اللحظة التي كان يشك فيها في كل ما عداها، وإذ يغدو الشك منهجيا يستتبع فحصا نقديا لكل معرفة. من هنا نخلص إلى أنه ليس ثمة فلسفة حقيقية دون أن يكون هنالك شك في الأصل.
3. حين أستغرق في معرفة الموضوعات والعالم، وفي ممارسة الشك الذي ينبغي أن يقودني إلى اليقين، فإنني أنشغل حينئذ بالأشياء، ولا أفكر في نفسي، في مصيري، وفي سعادتي؛ بل بالعكس من ذلك، أكون مسرورا إذ أنسى ذاتي حين أكتسب هذه المعارف الجديدة، لكن، الأمر سيتغير حين أعي ذاتي وأتأمل حالي، فلنتأمل بعض الشيء في حالنا نحن البشر، نجد أنفسنا دائما نعيش في وضعيات أساسية محددة تنطوي عليها حياتنا، نسميها وضعيات نهائية، لا نستطيع أن نتجاوزها ولا طاقة لنا على تغييرها. إن وعينا بهذه الوضعيات، معناه أننا نبلغ، بعد الدهشة والشك، إلى أعمق أصل للفلسفة.
ك. باسبرز، مدخل إلى الفلسفة ترجمة محمد الشنيطي (مع بعض التعديلات) دار القاهرة 1967. صفحات 55-59
للإطلاع على التحليل الشامل للنص اضغط هنا.