أفضل ملخص لمجزوءة الوضع البشري
![]() |
ملخص لمجزوءة الوضع البشري |
يرادف اصطلاح الوضع البشري من الناحية الفلسفية مفهوم الوجود البشري (الانساني) الذي يشير إلى مختلف المحددات الكبرى والشروط والعوامل التي يتأطر ضمنها وجود الإنسان ومصيره، والتي تحدده وتحدد سلوكاته وأفعاله، سواء في علاقته بذاته أو في علاقته بالأخرين الذين يتقاسم معهم حق العيش في الجماعة، بمعنى أن الوجود الانساني هو مجموع العوامل والمحددات التي تتدخل في تحديد طبيعة هذا الوجود، وتسمح بفهم أو معرفة حقيقة الكائن البشري، فالوضع البشري هو الحالة التي قُدف فيها بالإنسان في هذا العالم دون إراته، وهكذا، فعندما نقوم بدراسة الوضع البشري، إنما نقوم بدراسة مختلف الشروط والأبعاد التي يوجد فيها أو يعيش ضمنها الإنسان في هذا العالم، من أجل الكشف عن مختلف الأبعاد والمحددات المكونة للوجود الإنساني، ويمكن مقاربة مستويات هذا الوجود من خلال الأبعاد الاتية:
محتويات الموضوع
- مفهوم الشخص أو البعد الذاتي للوجود الإنساني.
- مفهوم الغير أو البعد التفاعلي للوجود الإنساني.
- مفهوم التاريخ أو البعد الزمني للوجود الإنساني.
مفهوم الشخص أو البعد الذاتي للوجود الانساني
والمقصود بالبعد الذاتي علاقة الذات بذاتها،وهنا نتحدث عن مفهوم الشخص كأنا متفردة في العالم لها هويتها وحريتها واستقلاليتها وكرامتها، وهو ما تتساوى فيه مع باقي الذوات الأخرى، وهو ما يفرض علينا كذلك البحث عن ماهية هذا الوجود الذي يوضع فيه شخص ما (كائن حي) في هذا العالم. فالإنسان يتحدد ككائن طبيعي يمثل بالأساس ذات متميزة عن الكائنات الأخرى، بفضل ما يتوفر عليه من مقومات يعكسها البعد الفكري والأخلاقي، فهذا التكوين الإزدواجي المعقد يجعل وجود الإنسان مرهونا بمجموعة من الضروريات والحتميات التي قد تكبل إرادته، لكن الإنسان يضل قادرا على الإنفلات من قبضتها (الحتمية والضرورة)، وتحقيق التعالي عن الشروط الموضوعية لوجوده، معناه أن الوجود الذاتي للإنسان يجعلنا ننظر إليه باعتباره شخصا متمتعا بالحرية والإرادة والقدرة على الإختيار انطلاقا من الوعي والفكر رغم ما يعتري وجوده من حتميات ومحددات نفسية وبيولوجية واجتماعية قد لا يعيها الفرد.
وسيتم معالجة البعد الذاتي للوجود الانساني المتمثل في مفهوم الشخص، من خلال ثلاث إشكالات أساسية وهي : إشكالية هوية الشخص، ثم إشكالية قيمة الشخص، وفي الأخير إشكالية حرية الشخص، لذلك نجد في البرنامج الدراسي للسنة الثانية بكالوريا ثلاث محاور أساسية فيما يخص البعد الذاتي للوجود الانساني، وكل محور يعالج إشكالية من الإشكاليات المذكورة سابقا، فالمحور الأول وهو محور الشخص والهوية، يعالج إشكالية هوية الشخص، ثم المحور الثانية وهو محور الشخص بوصفه قيمة، يعالج إشكالية قيمة الشخص، أما المحور الثالث والأخير وهو محور الشخص بين الضرورة والحرية، فهو يعالج إشكالية حرية الشخص.
مفهوم الغير أو البعد التفاعلي للوجود الانساني
والمقصود بالبعد العلائقي التفاعلي للوجود الانساني هو علاقة الذات بالآخرين المختلفين عنه من الناحية الفيزيولوجية والبيولوجية والمعرفية والثقافية ...، ومفروض على الذات التعايش معهم، وهو ما يؤدي بنا إلى البحث في العلاقة الممكنة بين هذه الذات والأخرين باعتبارهم أغيار يشبهونها ويختلفون عنها في نفس الآن، فمن المؤكد أن النظرة إلى الإنسان لا تكتمل إلا بمراعاة بعده العلائقي التفاعلي أو الإجتماعي، فهو لم يوجد ليعيش وحيدا بل يدخل مع غيره في علاقات متنوعة يستلزمها العيش ضمن المجموعة البشرية، علاقة قد تتسم بالتكامل والتعاون والمحبة والصداقة أو قد تتسم بالتنافر والصراع والعداوة والغرابة، معناه أن النظرة إلى الوجود الإنساني لا تكتمل إلا بالنظر إليه كوجود تفاعلي يدفع الذات للدخول في علاقة مع الغير، بل يصبح الغير شرط من شروط وجود الذات، لكن هذه العلاقة ستجبر الذات على التقيد بالضوابط الإجتماعية للمجتمع الذي تقيم فيه علاقة مع الأخرين.
وسيتم معالجة هذا البعد التفاعلي العلائقي للوجود الانساني، المتمثل في مفهوم الشخص، من خلال ثلاث إشكالات أساسية وهي : إشكالية وجود الغير بالنسبة للأنا، وثم إشكالية معرفة الغير من طرف الأنا، ثم إشكالية العلاقة بين الغير والأنا، لذلك نجد في البرنامج الدراسي للسنة الثانية بكالوريا ثلاث محاور أساسية ضمن مفهوم الغير، وهي محور وجود الغير، ومن خلاله نعالج الاشكالية الأولى، ثم المحور الثاني وهو محور معرفة الغير، ونعالج فيه الاشكالية الثانية، ثم المحور الثالث وهو محور العلاقة مع الغير، حيث نعالج فيه الاشكالية الثالثة.
مفهوم التاريخ أو البعد الزمني أو التاريخي للوجود الإنساني
والمقصود بالبعد الزمني أو التاريخي للوجود الإنساني هو علاقة الذات بالتاريخ، على اعتبار الانسان كائن تاريخي لديه طوق دائم إلى إضفاء لمسته على أحداث ومسار التاريخ، فالعيش مع الجماعة يفرض علينا الإنصهار في السيرورة التاريخية والزمنية لتلك الجماعة، بمعنى الإندماج ضمن وضع تطوري يرتبط فيه الماضي بالحاضر وبالمستقبل، وذلك ما يدفعنا إلى القول بأن الإنسان ذو بعد زمني يتجلى في ارتباطه بالأوضاع التاريخية وتفاعله مع التغيرات الزمنية مما يجعل منه سيرورة زمنية ذات طابع فردي أو جماعي، معناه أن التاريخ يمثل محددا أساسيا في بلورة الوجود الإنساني، فالبعد التاريخي الزمني للوجود الإنساني، هو الذي يجعل من الإنسان فاعل ومحرك أساسي لسيرورة التاريخ ومتحرك بها في ذات الآن، ونظرا لكونه كائن حر، يدفعنا الأمر للتساؤل حول ممكنات وحدود فعله في التاريخ، وهو ما يستدعي البحث في قيمة ومحدودية الفعل الذي يمكن للذات أن تساهم به في حركية التاريخ والزمن، وكذلك مدى موضوعية المعرفة التي يمكن أن تحققها حول الماضي.
وتتم معالجة البعد الزمني أو التاريخي للوجود الإنساني المتمثل في مفهوم التاريخ، من خلال التطرق بثلاث إشكالات أساسية، إشكالية تخص المعرفة التاريخية ومدى موضوعيتها، والاشكالية الثانية تخص فكرة التقدم في التاريخ، والإشكالية الثالثة تخص مسألة فاعلية الإنسان في الأحداث التاريخية، بمعنى حريته في توجيه مسار التاريخ، لذلك نجد في البرنامج الدراسي للسنة الثانية بكالوريا مادة الفلسفة، ثلاث محاور أساسية تخص مفهوم التاريخ، وكل محور من هذه المحاور يعالج إشكالية من هذه الإشكالية المذكورة، ففيما يخص المحور الأول وهو محور المعرفة التاريخية، فهو يعالج الإشكالية الأولى، أما المحور الثاني، وهو محور التاريخ وفكرة التقدم، فهو يعالج إشكالية التقدم في التاريخ، أما المحور الثالث، وهو محور دور الإنسان في التاريخ، فهو يعالج الإشكالية الثالثة السالفة الذكر.
وبالتالي، فالحديث عن الوضع البشري هو حديث عن مجموعة من الأبعاد والعوامل والمحددات والشروط التي المتعلقة بالوجود الإنساني، ومنها البعد الذاتي الذي يحيل على مفهوم الشخص، والبعد التفاعلي العلائقي الذي يحيل على مفهوم الغير، والبعد الزمنى التاريخي الذي يحيل على مفهوم التاريخ. وهكذا، ففي ظل تعدد واختلاف المستويات التي تحدد الوجود الإنساني، فإن التفكير في مفهوم الوضع البشري يقتضي استحضار عدة مفاهيم تشكل المقومات أو العناصر الأساسية لهذا الوضع، منها مفاهيم الشخص والغير والتاريخ، فالتفاعل والتكامل بين هذه المكونات (الشخص / الغير / التريخ ) هو الذي يعطي للوجود البشري معنى، فكيف تتحدد هذه المفاهيم باعتبارها مكونات أساسية للوضع البشري؟ وماذا يعني ان يكون الإنسان شخصا؟ وإذا كان الشخص يتحدد بالدور الذي يقوم به فهل يستمد قيمته من ذلك الدور؟ وهل هو حر في اختيار دوره أم أنه يخضع لحتمية ما تفرض عليه السير وفق مقتضيات ومستلزمات خارجة عن إرادته؟ ثم هل هو خصم وعدو ننبذه ونقصيه، أم هو صديق نقتسم معه إنسانيتنا وتطلعاتنا؟ وهل المرور عبره كغير ضروري حقا لتكوين الوعي بالذات وإدارك خصوصيتها؟ ثم كيف يرتبط الإنسانبحركية التاريخ؟ وهل هو مأثر فيها ام متأثر بها؟
من إعداد أكاديمية التفوق
اقرأ المزيد