هام جدا

منهجية تحليل سؤال فلسفي ومقدمة جاهزة حول حرية الشخص

منهجية تحليل سؤال فلسفي ومقدمة جاهزة حول حرية الشخص

منهجية تحليل سؤال فلسفي نموذج تطبيقي عن الشخص بين الضرورة والحرية من مفهوم الشخص مجزوءة الوضع البشري مع مقدمة جاهزة لمحور الشخص بين الضرورة والحرية
الشخص بين الضرورة والحرية



إننا نسعى من خلال هذه المقالة الفلسفية إلى تقديم نموذج لتحليل سؤال فلسفي مفتوح، وأفضل مقدمة جاهزة لمحور الشخص بين الضرورة والحرية، من مفهوم الشخص ضمن مجزوءة الوضع البشري، وهذه المقالة هي عبارة عن جواب على السؤال الآتي: "هل الإنسان حرا أم يخضع للضرورات مثل الأشياء"، وهو سؤال كان من بين مواضيع الامتحان الوطني للبكالوريا، وهذا الموضوع هو من إنجاز إحدى التلميذات التي تسعى إلى الحصول على نقطة ممتازة في مادة الفلسفة، في الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا، وهي فرصة لجميع التلاميذ من أجل الاستعداد لهذا الامتحان هو الاشتغال أكثر وأكثر على مواضيع ونمادج امتحانات البكالوريا السابقة.





مقدمة جاهزة لمحور الشخص بين الضرورة والحرية

احتل مفهوم الانسان مكانة مرموقة في تاريخ الفكر الفلسفي، حيث اهتم هذا الأخير بدراسة أبعاده وبحث الشروط التي يوجد ضمنها هذا الكائن، وذلك ما يحيل عليه مصطلح الوضع البشري وهو المجال الذي يرتبط به السؤال الذي نحن بصدد مقاربته، حيث يتناول مفهوم الشخص كذات تحكمها مجموعة من الحيتيات و الإكراهات التي تقيد إرادته، إلا أنه من زاوية أخرى كائن حر قادر على الانفلات والتعالي عن شروط وجوده وبالتالي يصبح الشخص متأرجحا بين الضرورة والحرية، وذلك ما يدفعنا إلى طرح عدة تساؤلات واشکالات يمكن صناعتها على الشكل التالي: ما الانسان؟ و ما الضرورة؟ وما الحرية؟ وما العلاقة القائمة بينهما؟ وإلى أي حد يمكن القول أن الشخص كائن حر؟ وهل الشخص ذات حرة ام أنه كائن خاضع للضرورة و الإكراه؟ فإذا كان الشخص حر ما طبيعة هذه الحرية؟ هل هياحرية نسبية أم مطلقة؟.



تحليل عناصر السؤال الفلسفي

لتفكيك السؤال قيد التحليل يمكن تناول بنيته المفاهيمية التي تشكل مضمونه الفلسفي من منطلق أن المفهمة عمل منهجي لا بد منه، كما أن الجواب على إشكالات التي ينطوي عليها السؤال المطروح تقتضي ان نشتغل على بنيته وتحليلها فنجد أن هذا الأخير قد تم طرحه بإستخدام أداة الاستفهام "هل" وهي أداة تخييرية بين قضيتين متقابلتين قد يصرح بهما معا، و قد يصرح بإحداهما ويتم إضمار الأخرى، إن الطابع الاستفهامي لهذه الأداة يقتضي إجابتان محتملتان، الأولى أن الانسان ذات حرة، والثانية أن الشخص يخضع للضرورات والاكراهات.وإذا كانت الفلسفة حسب الفيلسوف الفرنسي " جيل دولوز " هي ابداع للمفاهيم فإن هـذا السؤال يقوم على مجموعة من المفاهيم والمصطلحات الفلسفية، أولها مفهوم الإنسـان فمن الناحية الفلسفية هو ذات عاقلة ومفكرة ومريدة، وحرة قادرة على الاختيار وتحمل مسؤولية ما تختاره من الناحيتين الأخلاقية والقانونية، أما الضرورة فتشير إلى أن ما في الكون بما في ذلك الإنسان، لا يمكن ان يخرج عن طبيعته التي جبل عليها، فالإنسان ليس الا عنصرا من الكون وجزء من الطبيعة، ونجد أيضا مفهوم الحرية وهي قيمة أخلاقية مات بعد إنساني کوني، تخرج الانسان من حالة العبودية والتبعية لأهوائه الذاتية، وتكسبه القدرة على الاستقلال، وتعني کذلك استقلالية الذات فكرا وتصرفا وعدم خضوعها لأية إكراهات، وتظهر العلاقة بين المفاهيـم في كونها علاقة تكامل وترابط، بحيث لا يمكن فهم مفهوم الضرورة إلا على ضوء مفهوم الحرية والعكس صحيح، كما لا يمكن فهم الانسان إلا من خلال هذين العنصرين، وللتوسع في قضية السؤال نقترح الإجابة التالية: أن الإنسان له حرية مطلقة في تصرفاته وقادرعلى تجاوز كل الإكراهات والحتميات التي يواجهها في حياته، فالانسان غير خاضع للعبودية فهو ذات عاقلة ومفكرة ومريدة وحرة قادرة على الاختيار فالانسان مسؤول عن نفسه، فعندما يقول سارتر بأسبقية الوجود على الماهية، اي أسبقية الوجود المادي الجسدي على الوعي الذاتي، فالشخص يوجد أولا ويلاقي ذاته ثانيا، ثم يختار ما سيكون عليه بكل حرية وإرادة، لكن الطاولة والحيوان يتخذ وجودهما شكلا خطيا انطلاقا من ماهيتهما القبلية.



مناقشة عناصر السؤال الفلسفي

لمناقشة مضمون الاطروحة المفترضة التي سبق وعرضناها في التحليل وجب بيان قيمتها و حدودها فقد اكتسى مضمون هذه الاطروحة قيمة فلسفية وأهمية فكرية تجلت في تأكيدها على حرية الانسان المطلقة، مما يجعل الشخص مسؤول عن كل أفعاله، رافضة للاتجاهات القائلة بالضرورة، لأن في ذلك تناقص مع المسؤولية والمحاسبة، فهذه الأطروحة مثلت مساهمة فلسفية لإعادة الاعتبار للإنسان وقيمته المفقودة بعد الحرب العالمية، مما يدفعنا إلى استدعاء موقف الفيلسوف جون بول سارتر، الذي يرى بأن الانسان مشروع سابق في وجوده لكل ماعداه من المشاريع، فالإنسان هو ما شرع لنفسه أن يكون، فوجود الإنسان يسبق ماهيته كما يعتقد سارتر ومن ثم فإن الإنسان هو ما هو عليه، ويتحمل مسؤولية وجوده والمسؤولية هذه لا تتعلق بما هو موجود فردي فقط، وإنما تتعلق أيضا بوجود جميع الناس وكل البشر، فالإنسان حسب سارتر عندما يختار لنفسه فإنما يختار تبعا لذلك لجميع البشر، فحينها يختار الانسان الخير لنفسه، فإنه يريده ان يكون خيرا للجميع، فسارتر يدافع عن حرية الاختيار المطلق للانسان، باعتبار أن ماهية الانسان تحدد بحرية مطلقة، فعلى سبيل المثال الحرية في اختيار الصفات : فا لشخص له الحرية والقدرة على اختيار صفاته وتصرفاته كما يشاء ( الجبان الشجاع اللص)، وهذا ما يميزه عن غيره من الكائنات والموجودات الأخرى.



 لكن هذا الطرح لا يعني أنه يمثل الإجابة الشاملة لهذا الاشكال فهو يعتبر مجرد وجهة نظر، وبالتالي لا بد من القيام بمحاولة من أجل الوقوف على ثغرات هذه الأطروحة، ونجد أنها أغفلت أن الانسان يخضع للضرورات مثل الأشياء مما يدفعنا إلى إستدعاء موقن الفيلسوف باروخ اسبينوزا، الذي يرى انه لا وجود لحرية إنسانية وإنما الناس يعتقدون أنهم أحرار لأنهم يجهلون الأسباب الحقيقية التي تقف وراء أفعالهم،  فالشخص حسب اسبینوزا خاضع للضرورة مادام محكوما بعوامل لا متناهية في العالم المحيط به، وهكذا فإن الشخص لا يكون حرا إلا بتكوين فكرة مميزة عن عالم الضرورة، وهذه الفكرة لا تعدوأن تكون سوى إدراك للأشياء وفق عالم الضرورة، إذن الشخص خاضع للضرورة، والحرية مجرد اعتقاد وهمي، فالحجرة وهي تتدحرج من أعلى الجبل تعتقد انها تتحرك بكل حرية، لكنها تجهل الأسباب والعوامل الخارجية التي دفعتها إلى الحركة ( كالفيضان البركان )،  وفي نفس السياق نجد فرويد يعتقد ان الانسان محكوم بمجموعة من الضروريات النفسية الخارجة عن إرادته الخاصة والتابعة للاشعور الذي يشكل الأساس الخفي والمتحكم في الذات الإنسانية.



تركيب ورأي شخصي حول حرية الشخص

انتهى بنا المطاف بعد تحليلنا ومناقشتنا لهذه الاطروحة إلى إبراز الخلاصات التالية : أفرزت مجموعة من المواقف المتعارضة فهناك من يرى أنه لا حرية للشخص في مقابل من يؤكد على أن الشخص يتمتع بحرية مطلقة، أما فيما يتعلق بوجهة نظري الشخصية فالانسان يوجد في موقع الوسط بين مملكتي الضرورة والحرية، فالفعل الإنساني يبقى فعلا حرا، لكنه في نفس الوقت هو فعل محكوم بمجموعة من الإكراهات، فالانسان إذن ليس حرا حرية مطلقة ولا خاضع للضرورات بشكل مطلق، إن هذا الاختلاف بين التصورات يرجع إلى إختلاف المنظور الذي تطرق من خلاله كل مفكر لمسألة حرية الشخص، وهذا الاختلاف لا يعني عجز الفلسفة، بقدرما يكشف عن غنى و ثراء الفكر الفلسفي، الذي لا يقبل بالأجوبة الجاهزة.

مواضيع ذات الصلة

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-