قارن بين العقلانية والتجريبية: مقالة فلسفية جاهزة
 |
| قارن بين العقلانية والتجريبية |
إن هذه المقالة الفلسفية الجاهزة، التي تتحدث عن المقارنة بين العقلانية والتجريبية، إنما هي تندرج ضمن مقالات مشكلة المذاهب الفلسفية بين الشكل والمضمون، وهي مقالة فلسفية تخص شعب الثانية ثانوي آداب وفلسفة، ثم شعبة الثالثة تسيير واقتصاد، وكذلك شعبة الثالثة تقني رياضي، وهي مقالة من إعداد الأستاذ حبطيش وعلي، والتي قدمها على صفحته على الفيسبوك.
طرح المشكلة : يعتبر موضوع المعرفة الإنسانية من مباحث الفلسفة الكبرى بحيث حدث اختلاف في موضوع المعرفة أو بالأحرى في موضوع مصدر المعارف فهناك من يرى أن العقلانية (وهي اتجاه فلسفي يقول بأولية العقل في مجال المعرفة ) هي أساس المعارف، و هناك من يرى أن التجريبية (وهي اتجاه فلسفي يرى بأسبقية الحواس و التجربة ) و هي أساس المعرفة الحقة، و في ظل هذا الصراع الدائر بين الطرفين يمكننا طرح التساؤلات التالية : ما الفرق بين كل من الاتجاهين؟ أو بعبارة أخرى أدق ما الذي يميز العقلانية عن التجريبية ؟.
محاولة حل المشكلة
أوجه الاختلاف: انه إذا ما نظرنا نظرة موضوعية مدققة إلى المذهب العقلي و المذهب التجريبي يصل إلى رصد نقاط اختلاف متعددة :
أولا : المذهب العقلي:
- مفهوم العقل: إن البحث عن ضبط مفهوم للعقل بدقة أمر صعب، فالفلاسفة يطلقون هذه اللفظة للدلالة على عدة معاني، من بينها: العقل جوهر بسيط مدرك للأشياء بحقائقها وعرف أيضا العقل قوة طبيعية في النفس متهيئة لتحصيل المعرفة.
- العقلانية تركيب لغوي مستحدث، يعبر عن مذهب فكري يقول بأولوية العقل، وأن جميع المعارف تنشا عن المبادئ العقلية القبلية، فالعقلانية إذا تدل على كل نزعة واتجاه فكري يقدس العقل ويجعله المصدر الأول في المعرفة.
الأسس الفكرية للمذهب العقلاني:
- الأصل الأول للمعرفة الإنسانية هو العقل وما يتضمنه من مبادئ فطرية، هذه الأخيرة كلية وصادقة ومطلقة.
- التجربة الحسية خداعة ولذلك لا يمكن أن تكون مصدرا لمعرفة صحيحة.
- العقل يتضمن مبادئ، تعتبر منطلقا لكل معرفة مثل: مبدأ الهوية مبدأ عدم التناقض، البديهيات.
- العقل قوة فطرية وبه وحده يتميز الإنسان عن بقية الكائنات الأخرى.
رواد المذهب العقلاني:
- روني ديكارت: "1596-1650" يعتبر واضع دستور الفكر الحديث، فقد أحدثت فلسفته ومنهجه انقلابا خطيرا في عالم الفكر، واعتبر أن العقل مصدر المعرفة ومرجعها، من أشهر كتبه" مبادئ الفلسفة"
- نكولا مالبرانش : " 1638-1715" تعتبر فلسفته استخلاصا لنتائج فلسفة ديكارت، حيث يرى مالبرانش أن الله محل الأفكار جميعا والعقل صوت الله فينا من أشهر كتبه البحث عن الحقيقة.
ثانيا : المذهب التجريبي:
تعريف المذهب التجريبي يطلق اسم المذهب التجريبي على المذهب الذي يرى أن أساس كل معرفة هي التجربة الحسية ولا وجود لمبادئ فطرية في العقل.
الأسس الفكرية للمذهب التجريبي:
- العقل لا يستطيع أن ينشأ بالفطرة المعاني والتصورات فقد أنكر التجريبيون الحدس العقلي لأن الإنسان في نظرهم قبل التجربة يكون صفحة بيضاء ثم يبدأ في اكتشاف العالم الخارجي عن طريق الحواس.
- عدم قدرة العقل الوصول إلى علم يقيني بالفطرة فالأحكام العقلية تتغير بتغير الزمان والمكان ولو صح وجو مبادئ فطرية لتساوى الناس في العلم.
- إن أفكارنا تتطور وتتسع مع ما نكتسبه من خبرة في حياتنا اليومية فلا وجود حقائق ثابتة بل كل الحقائق متغيرة وتاريخ العلم يشهد على ذلك.
- الإنسان يدرس الملموس قبل المجرد والخاص قبل العام.
رواد المذهب التجريبي:
- جون لوك (1632-170): مؤسس النزعة التجريبية، من أثار ، محاولة حول العقل التجريبي يرجع كل المعارف البشرية إلى التجربة الحسية حيث يقول: "لا يوجد في العقل شيء إلى وقد سبق وجوده في الحس".
- دافيد هيوم (1711-1776): الذي يؤكد أنه لولا الحواس لما كان للأشياء الخارجية وجود وذلك في قوله: "لا شيء من الأفكار يستطيع أن يحقق لنفسه ظهورا في العقل ما لم يكن قد سبقته ومهدت له الطريق الانطباعات".
أوجه التشابه : إذا ما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين العقلانية والحسية وجدنا هناك نوعا من التقارب و الالتقاء في جملة من النقاط تتجلى في:
- أن كلاهما نشا في حاجة ...... الإنسان إلى البحث و الكشف عن إسرار المحيط الذي يعيش فيه.
- كلاهما يرتبطان بالفترة الحديثة.
- كلاهما نسق و مذهب فلسفي كلاهما ينتميان إلى المعرفة الفلسفية.
- كلاهما يقدمان تصور لمبحث نظرية المعرفة.
- يشتركان في تقديم حقائق نسبية لا مطلقة.
- و كلاهما يبذل نشاطا فكريا قصد الوصول إلى هدف معين.
- و كذلك فكلاهما يمثلان مصدر للحقيقة.
- كلاهما ناتجان من الإرادة والحافز تجاه عوائق ما .
مواطن التداخل " العلاقة "
إن طبيعة العلاقة بين التسقين هي علاقة تكامل و تداخل وظيفي فقد نأخذ يهما متفرقين كنسقين وضعا خدمة لمقاصد معينة يقال أن الفلاسفة العقليين كالعنكبوت تنسج خيوطها من نفسها، والتجريبيين كالنحلة تجني من محيطها ثم تستهلكها، لهذا جمعت الفلسفة النقدية الكانطية بين العقل والحس، فلا يجوز رفض مذهب لصالح آخر فكلاهما صادق في سياقه.
حل المشكلة : نستنتج في الأخير أن لكل من المذهبين العقلي والتجريبي نسقه المنطقي المتماسك الخاص به والأخذ بأحدهما أو رفض الآخر موقف فلسفي شخصي و الأخذ بهما معا هو نقل للقضية إلى إطار جديد وفق منطق ديناميكي للمعرفة أساسه تجاوز المنطق السكوني كما نظر له العقلانيون والحسيون.
اقرأ المزيد