هام جدا

تصحيح الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا الدورة العادية 2020 في مادة الفلسفة

تصحيح الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا الدورة العادية 2020 في مادة الفلسفة



الامتحان الوطني الموحد 2020 مادة الفلسفة
امتحان وطني مادة الفلسفة




سنحاول في هذا المقال العمل على تصحيح الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا في مادة الفلسفة، وللإشارة أن هذا الموضوع من إعداد أحد التلاميذ في امتحان البكالوريا، وقد حصل على نقطة 16/20، ولن نعمل على تصحيح جميع النماذج بل سنتوقف عند تقديم تصحيح لنموذج القولة التالية: ("إن وجود الغير ضروري لوجودي ولمعرفتي بذاتي"، انطلاقا من القولة بين (ي) هل وجود الغير ضروري ، حقا، للأنا؟.) وسنحاول أن نتطرق للمراحل الأربع لتحليل ومناقشة قولة فلسفية، وللإشارة أن منهجية القولة تشبه تقريبا منهجية النص الفلسفي، ويمكن للتلاميذ أن يعتمدوا هذه المقدمة الموظفة في هذا المقال كمقدمة جاهزة صالحة للاستعمال للامتحانات التي تتحدث عن إشكالية وجود الغير، سواء كان الامتحان قولة أو نصا أو سؤالا إشكاليا مفتوحا.




محتويات الموضوع

  1. تحليل قولة فلسفية عن وجود الغير.
  2. مقدمة جاهزة عن وجود الغير.
  3. وجود الغير ضروري لتحقق الذات وعيا بذاتها.
  4. وجود الغير يمثل تهديدا بالنسبة للذات.
  5. وجود الغير بين الضرورة والعرضية.






تحليل قولة فلسفية عن وجود الغير

سنحاول تحليل هذه القولة الفلسفية المتعلقة بإشكالية وجود الغير، وفق المنهجية المعتمدة في تحليل الأقوال الفلسفية، وللاشارة أن هذه المنهجية جاهزة توجد في مقال سابق قد تطرقنا إليه يمكنكم العودة إليه، وسنحاول التركيز في تحليلنا لهذه القولة في مرحلة التحليل عن ضرورة وجود الغير بالنسبة للأنا، كي يتمكن هذا الأنا من تحقيق الوعي بذاته، مع العلم أنه سنفتح هذا المقال بمقدمة جاهزة، ثم سنحاول التطرق لمرحلة المناقشة من خلال إبراز قيمة وحدود الأطروحة حيث سنركز على فكرة أساسية مفادها أن وجود الغير بالنسبة للأنا، يبقى وجودا عرضيا، بل أحيانا قد يمثل تهديدا لهذه الأنا، وسنحاول تقديم بعض الأمثلة الواقعية الخاصة بوجود الغير، والتي من خلالها نوضح الأطروحة ونعطيها بعدا واقعيا، وفي الأخير سنحاول الخروج بخلاصات حيث تتأرجح فيها قضية وجود الغير بين الضرورة والعرضية.



1. مقدمة جاهزة عن وجود الغير (مرحلة الفهم )

يعتبر الوضع البشري من المجالات المرتبطة بالإنسان كمشكلة اهتمت بها الفلسفة مند فترة طويلة، فالوجود البشري هو مجموع العوامل والابعاد المرتبطة بالإنسان من حيث هو ذات عاقلة حرة قادرة على إقامة  مع الاخرين ، وهذا ما يدفعنا للحديث عن الغير كموضوع فلسفي شغل الفلاسفة والمفكرين على مر التاريخ، وهذا هو موضوع هذه القولة التي نحن بصدد الاشتغال عليها، حيث تعالج قضية وجود الغير بالنسبة للذات، وهذا ما يدفعنا لطرح الإشكال الآتي : هل وجود الغير ضروري للانا ام ان وجوده وجود عرضي غير ضروري؟ وللإجابة عن هذا الاشكال سنستعين بالأسئلة التالية : ما معني الغير ؟ وما المقصود بالذات؟ وإلى أي حد يعتبر الغير ضروري لوجود الأنا ولتحقق الذات معرفة بذاتها؟






2. وجود الغير ضروري لتحقق الذات وعيا بذاتها (مرحلة التحليل)

بعد قراءتنا للقولة يتبين أنها تنطوي على أطروحة تمثل الموقف الصريح لصاحبها حيث يرى صاحب هذه القولة ان وجود الغير يلعب دورا مهما في حياة الانا، لأنه يساعدها علي تحقيق الوعي والمعرفة بذاتها، فلابد من وجوده لمساعدة الذات علي الكشف عن اخطائها وعن السلوكات التي تتعارض مع القيم والاعراف والقوانين المؤطرة لجماعة معينة، وهي اخطاء ربما تغفل الذات عنها في غياب الغير، اضافة الي هذا ففي بعض الاحيان نجد انفسنا في حاجة ماسة للغير من اجل التعبير له عن مكنوناتنا النفسية وعن كل ما نشعر به من احزان وافراح وغيرها، كما انه اذا غاب الغير قد نفقد القدرة علي التواصل (اللغة)، لان الغير يمثل عنصر مهم في عملية التواصل، كما تتجلي ضرورة وجود الغير في التعاون وتقسيم الادوار من داخل المجتمع حيث نجد الطبيب، الفلاح، المدرس، المهندس ....وغيرهم، كل يقوم بدور محدد داخل المجتمع.


وبما أن الخطاب الفلسفي خطاب مفاهيمي لا ينبغي أن نغفل المفاهيم التي تم اعتمادها في هذه القولة، والتي تتمثل في مفهوم الغير وهو انا اخر يشبهني من حيت كونه يملك عقلا ووعيا كما تملكه الذات أو الأنا، وفي نفس الوقت يختلف عني من حيث بعض الصفات الأخرى من قبيل التركيبة الفيزيولوجية والتركيبة البيولوجية ( الانثى والذكر)، اما مفهوم الذات فالمقصود به الفكر كقدرة علي بناء معرفة حول موضوع ما، وأخيرا مفهوم الوجود والذي يدل على التحقق الفعلي للشيء ويمكننا ان نميز فيه بين نوعين من الوجود، الوجود لذاته والوجود في ذاته، ولا ينبغي أن نغفل على أن هناك علاقة تكامل بين هذه المفاهيم وتتمثل هذه العلاقة في كون الذات لن تتمكن من تحقيق الوعي بذاتها الا في ظل وجود هذا العنصر المهم وهو الغير، وقد اشرنا سابقا الي الدور الذي يلعبه وجود الغير بالنسبة للذات.


وحتى نقتنع بهذا الموقف استعان صاحبه بالعديد من الأفكار والأساليب اللغوية والحجاجية التي شكلت الهيكل الاستدلالي لهذه القولة والتي تتمثل في أسلوب التأكيد، حيث يؤكد علي ضرورة وجود الغير بالنسبة للانا، وذلك واضح من التركيبة التي جاءت عليها هذه القولة، فالغير في نظر صاحب هذه القولة ضروري لوجودي من حيث المساعدات التي يقدمها للذات، فلا يمكن ان يتمكن التلميذ -مثلا- من الحصول على معدلات ايجابية في ظل غياب وجود المدرس الذي يساعده على معرفة الاخطاء التي يقع فيها ويساعده علي تخطيها.



3. وجود الغير يمثل تهديدا للذات (مرحلة المناقشة)

إن الأفكار الكامنة في هذه الأطروحة هي ما تمنحها قيمتها الفلسفية، وتتجلي هذه القيمة في كون ان صاحب القولة واعيا وعيا تاما بالدور الذي يلعبه الغير في حياتنا اليومية، فلا يمكن ان تستمر البشرية في ظل غياب علاقة بين الذات والغير (الزوجين)، كما انا صاحب هذه القولة يعلم جيدا ان الذات عاجزة علي معرفة ذاتها وتحقيق الوعي بها واشباع حاجاتها ورغباتها بمفردها بل لابد من تقديم يد العون من طرف الغير.


لكن بالرغم من كل ما جاء به هذا الموقف إلا أن هناك بعض الحدود التي جعلته غير قادر على تقديم حل نهائي للإشكالية المطروحة، وتتجلى هذه الحدود في كون ان وجود الغير في بعض الاحيان قد يمثل عائقا امام وجودي ويصبح وجوده غير ضروري لوجود الانا، بل قد يمثل وجوده عائقا او قد يلحق الضرر بالذات، وهذا ما اغفله صاحب هذه القولة، ففي ظل هذه الجائحة التي يعيشها العالم اليوم اصبح وجود الغير يهدد الانا من خلال المساهمة في انتشار فيروس كورونا، وبالتالي انتقال العدوى من فرد لآخر، وهكذا اصبحنا نتهرب من مخالطة الاخرين، وبالتالي اصبح وجود الغير يهدد حياة الانا، كما ان الغير يلعب دور العائق بالنسبة للذات عندما نجد طرفا يضع عراقيل للطرف الآخر حتي لا يتمكن من تحقيق بعض الاهداف، وذلك ما نجده قائما على مستوى العلاقات بين الدولة المتنافسة اقتصاديا وسياسيا  واجتماعيا، فقد نجد دولة تعرقل دولة اخري حتي لا تتقدم عليها على جميع المستويات مثلا.


وقد تطرق لهذه المشكلة (مشكلة وجود الغير) العديد من الفلاسفة والمفكرين من بينهم الفيلسوف الالماني هيجل الذي يري بان وجود الغير يلعب دورا مهما في حياة الانا، فتحاول الذات دائما نزع الاعتراف من الاخر وذلك ما نجده واضحا من خلال جدلية السيد والعبد التي تحدث عنها هيجل، ثم يمكننا استحضار موقف سارتر الذي يقر بان وجود الغير ضروري بالنسبة للذات حيت يساعدها علي تحقيق الوعي بذاتها ويتحدث هنا عن تجربة الخجل التي تعيشها الذات في ظل وجود الغير، ونفس الفيلسوف نجده يعتبر ان وجود الغير يشل من امكانات الذات ويحد من قدراتها وهنا يتحدث سارتر عن النظرة التي تشل من قدرات الذات، وذلك ما نجده عند بعض التلاميذ الذين يرفضون النهوض الي السبورة بدعوي الخجل. وفي نفس السياق نجد هيدجر الذي يري ان وجود الغير يلعب دور العائق امام الذات، اما ديكارت فقد تمكن من معرفة ذاته في غني تام عن وجود الغير وذلك ما نجده في الكوجيطو الديكارتي انا افكر انا موجود.



4. وجود الغير بين الضرورة والعرضية (مرحلة التركيب)

نستنتج من تحليلنا ومناقشتنا لهذا الموضوع أن إشكالية  وجود الغير اضحت موضوعا للنقاش بين الفلاسفة، مما نتج عنه تباين وتناقض في المواقف والتصورات الفلسفية حول هذه الإشكالية، فمنهم من يؤكد على ضرورة وجود الغير بالنسبة للذات لما تقدمه له من مساعدات وتتعاون معه لإشباع حاجاتها وتلبية رغباته. ومنهم من يرى أن وجوده يمثل عائقا بالنسبة للذات بل وجوده يبقى وجودا عرضيا وغير ضروري، واكثر من هذا فهو يشل من قدرات الذات. وفي اعتقادي الشخصي ان وجود الغير يجمع بين الضرورة والعرض، فهو ضروري لأننا لن نتمكن من تحقيق بعض الأهداف في غيابه من قبيل استمرار النوع البشري (العلاقات الجنسية)، وعرضي لكوننا في بعض الاحيان نكون قادرين علي تحقيق اهدافنا واغراضنا في غيابه تماما، بل يمثل وجوده هنا عائقا امامنا، وهذه المشكلة تثير إشكالات أخرى من بينها إشكالية العلاقة مع الغير لأنه في ظل وجود الغير سنقيم علاقة مع الغير ونظرا لتعارض الاهداف والغايات بين الذات والغير يمكننا التساؤل حول طبيعة العلاقة معه، فما طبيعة العلاقة مع الغير؟ هل هي علاقة صداقة ام علاقة صراع؟.



اقرأ المزيد



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-